ديسمبر 1, 2025

تصدر عن مؤسسة جوليا دومنا برس للطباعة والنشر

الكنديون يغادرون بلادهم بأعداد غير مسبوقة… وهذه أبرز الوجهات التي تجذبهم

تُظهر هذه الموجة من الهجرة أن فكرة "الاستقرار" لم تعد مرتبطة بالوطن بقدر ما أصبحت مرتبطة بجودة الحياة.

يشهد العالم موجة لافتة من الهجرة العكسية، إذ يغادر عدد متزايد من الكنديين وطنهم بحثاً عن حياة أكثر دفئاً ورفاهية وأقل تكلفة. فبين ارتفاع تكاليف المعيشة، وقسوة الشتاء الطويل، والرغبة في خوض تجربة جديدة خارج الحدود، تتجه أنظار الكنديين نحو بلدان تجمع بين المناخ المعتدل، والضرائب المخفّضة، وجودة الحياة.

البرتغال.. شمس أوروبا الدافئة

تحوّلت البرتغال إلى وجهة مفضّلة للراغبين في نمط أوروبي بأسعار معقولة. إذ تسمح تأشيرة D7 للمتقاعدين والعاملين عن بُعد بالإقامة بسهولة مقابل دخل ثابت، ويُغري طقسها المشمس طوال العام ونظامها الصحي المتقدّم آلاف الكنديين سنوياً.

المكسيك.. الدفء والقرب

تبقى المكسيك الخيار الأقرب والأكثر دفئاً مدن مثل بلايا ديل كارمن وسان ميغيل دي ألليندي أصبحت موطناً لمجتمعات كندية كاملة، بفضل انخفاض تكاليف المعيشة إلى النصف مقارنة بالمدن الكندية الكبرى، وسهولة الحصول على الإقامة المؤقتة.

كوستاريكا.. جنة السلام والبيئة

تجذب كوستاريكا الكنديين باستقرارها السياسي وخلوّها من الجيش وتركيزها على حماية الطبيعة. نظامها الصحي الموثوق وتكاليفها المعقولة جعلاها من الوجهات الأكثر أماناً وراحة للمتقاعدين.

إسبانيا.. مزيج الحضارة والمتعة

تقدّم إسبانيا، بتأشيرتها الخاصة بغير العاملين، فرصة مثالية لمن يسعون للعيش على شواطئ المتوسط دون ضغوط مهنية. مدن مثل فالنسيا ومالقة وإشبيلية تمنح حياة متوسطية راقية بتكاليف أقل من مدريد أو برشلونة.

الولايات المتحدة.. جاذبية الفرص

رغم التكاليف العالية، تبقى الولايات المتحدة وجهة جذّابة للكنديين العاملين في مجالات التكنولوجيا والأعمال. تأشيرة TN تسهّل الانتقال المهني، وتمنح رواتب مضاعفة في ولايات مثل كاليفورنيا وتكساس.

فرنسا.. فن الحياة

تجذب فرنسا عشّاق الثقافة والمذاق الرفيع، حيث تسمح تأشيرة الزائر طويلة الأمد بالإقامة دون عمل محلي. المدن الفرنسية خارج باريس تقدّم حياة أنيقة ومريحة بتكاليف معقولة، في ظل نظام صحي يُعدّ من الأفضل عالمياً.

إيطاليا.. التاريخ والدفء

بين مدنها الساحرة وسواحلها المتوسطية، تمنح إيطاليا تأشيرة الإقامة الاختيارية لمن يملكون دخلاً ثابتاً دون الحاجة للعمل. بعض القرى تبيع منازل بسعر رمزي (يورو واحد) لجذب سكان جدد، في مشهد يعيد إحياء الريف الإيطالي.

ألمانيا.. التوازن والاستقرار

ألمانيا وجهة مثالية للمهنيين وروّاد الأعمال، إذ تتيح تأشيرة العمل الحر للعاملين المستقلين بناء مستقبل مهني في بيئة منظمة ومستقرة. مدن مثل لايبزيغ ودريسدن تقدّم جودة حياة عالية بأسعار معتدلة.

بنما.. جنة المتقاعدين

تقدّم بنما أفضل برنامج تقاعد في العالم، مع خصومات كبيرة على الرعاية الطبية والمطاعم والمواصلات، واستخدام الدولار الأمريكي كعملة رسمية، مما يجعلها وجهة مالية مستقرة ومريحة.

الإكوادور.. الطبيعة بتكاليف زهيدة

من غابات الأمازون إلى سواحل الهادي، تمنح الإكوادور تنوّعاً مذهلاً بأسعار منخفضة. تكاليف المعيشة والرعاية الصحية زهيدة لدرجة أن كثيراً من المقيمين يستغنون عن التأمين الصحي كلياً.

الأوروغواي.. أمان واستقرار

تُعرف الأوروغواي باستقرارها السياسي وانخفاض معدلات الفساد، وتوفّر إقامة دائمة بعد خمس سنوات. نظامها الضريبي الإقليمي يعفي المقيمين الجدد من الضرائب على الدخل الأجنبي لسنوات.

تايلاند.. الشرق المضيء

لطالما شكّلت تايلاند ملاذاً للكنديين بفضل دفئها وأسعارها الزهيدة. تمنح تأشيراتها للمتقاعدين والعاملين عن بُعد إقامة مريحة، بينما تقدّم مستشفياتها المعتمدة دولياً رعاية طبية متميزة بتكاليف منخفضة.


تُظهر هذه الموجة من الهجرة أن فكرة “الاستقرار” لم تعد مرتبطة بالوطن بقدر ما أصبحت مرتبطة بجودة الحياة, فالكنديون، الذين كانوا حتى وقت قريب نموذجاً للرضا والرفاه الاجتماعي، باتوا اليوم يبحثون عن طقس أدفأ، وسكن أرخص، وإيقاع حياة أبطأ. إنها مفارقة عصرٍ تبدّلت فيه المعايير؛ فالدول التي كانت تُعدّ وجهات للهجرة صارت مصدّرة للمهاجرين.
هذه الظاهرة لا تخص كندا وحدها، بل تعبّر عن تحوّل عالمي في مفهوم الانتماء، حيث لم يعد جواز السفر هو ما يحدد الهوية بقدر ما تحددها القدرة على العيش بكرامة، في مكان يوفّر التوازن بين الكلفة والراحة، وبين الطموح والسكينة.