
ماجدولين الرفاعي
نتبادل كالعادة الأمنيات، تتلو عليّ ما تيسر من ورد الحب، وأغني لك شفيف الأغنيات، ربما كي تغفو في سرير طفولتك الندية، أو لكي تصحو بكركرة ضحكتك الشهية، ما يهمني أن تكون رائحة حبك باقة ورد في عيد الأعياد..
أنا امرأة ونصف، كنت امرأة حين بعد مخاض عسير أنجبت رجولتك وهدهدتها حتى تكبر، وهبتك ليلي وقلقي وساعات نومي، وهبتك لهفتي وكسرت كل مرايا الأنوثة تحت أقدام حرارة لا ترتفع إلا ليلاً، فألهج بالدعاء لكي تكبر، وتكبر معك أمنياتي ودفاتر حلمك.
كنت تنام وأنا أسهر، كنت تكتب الحرف تحت السطر وفوق السطر وعلى لوح قلبي، فأضحك ما شاء لي الضحك، فطفلي يكبر ويكبر. أحطتك بالمعوذات يا رجل المستقبل، ستكون كما ينبغي أن تكون، وأكون أنا أمك التي ستحملها ذات عجز فوق ظهرك.
كنت امرأة عندما كان المدير يوبخني لأنني تأخرت قليلاً عن موعدي ربع ساعة أو أكثر، أرتجف أمامه وأردد: “ابني يا سيدي لم ينم ليلة البارحة، أسنانه اللبنية تبزغ”.
كنت امرأة حين جلست بين الحضور أرقب المشهد؛ رجل طويل يلبس ثوب التخرج، يصفق له الحضور وقلبي يرقص. لم يذكروا اسمي على المدرج، ولكني كنت أراه محفورًا فوق جبينك الأسمر. وقتها صرت امرأة ونصف وقلت لمن حولي بكل اعتزاز: “هذا ابني الذي تخرج”.
أنا امرأة ونصف لأنني وهبت هذا العالم عظماء بحجم الكون، أنا امرأة ونصف لأنني تحملت قهر الحرب، ووجع الشتات، وعذابات انتظارات عقيمة لمعتقل لم يرجع، لشهيد لا قبر لجثته كي أركع قرب حجارته، لحالم بالنجاة ولكن حرس الحدود سرق كرامته وملابسه، وتركه في عراء يلوك وجعه الماضي والحاضر.
أنا امرأة ونصف لأنني حبيبتك، وزوجتك، وأمك، وأختك، وكل النساء في سجل قلبك.
أنا امرأة ونصف لأنني أحبك، ولك أن تسأل كل المرايا كم عشقت وجهك في أحداقي وابتسامتي، وصبر انتظاراتي لأجل عودتك.
اسأل جميع المرايا عن لهفتي، عن شوقي، عن صبري، عن حناني، عن انشغالي باختراع أفضل الطرق لاحتضانك بعد غياب.
أنا امرأة ونصف لأنني بقيت خلف الكواليس وأنت تحتل كل المواقع…
أنا امرأة ونصف لأنني قوية بما يكفي لأكون سيدة هذا العالم…
أنا امرأة ونصف لأنني لم أنتظر في يوم المرأة وردك، بل انتظرتك أنت، يا حامل الورد والبيلسان.

More Stories
الدورة الخامسة من جائزة أنطون سعادة الأدبية لعام 2026
انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب 2025 بمشاركة واسعة من دور نشر عربية وعالمية
الروائية سالي روني: قرار بريطانيا حظر “فلسطين أكشن” قد يؤثر على مبيعات كتبي