ديسمبر 1, 2025

تصدر عن مؤسسة جوليا دومنا برس للطباعة والنشر

الوثائقي “الحياة بعد سهام”.. حين تتحول السينما إلى طريق شفاء من الفقد

بعد عرض الفيلم في مهرجان القاهرة، قال نمير إنه عمل عليه على مدى عشر سنوات، واجه خلالها تأجيلات وصعوبات في التمويل، لكنه ظلّ متمسكًا بمشروعه لأنه كان جزءًا من رحلته الشخصية مع الفقد.

في رحلة حميمة تمزج بين الذاكرة والسينما، يقدم المخرج نمير عبد المسيح فيلمه الوثائقي “الحياة بعد سهام” الذي بدأ كمشروع يجمعه مع والدته، قبل أن يتحول بعد رحيلها إلى مرثية سينمائية ناعمة تستعيد تفاصيل حياتها وتحتفي بقوة حضورها.

الفيلم الذي حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان الجونة السينمائي بدورته الثامنة، وعُرض ضمن قسم “العروض الخاصة” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته السادسة والأربعين، يقدّم تجربة بصرية وإنسانية تستند إلى علاقة عائلية وذكريات تمتد لأكثر من خمسة عقود.

سينما العائلة.. وذاكرة الوطن البعيد

نشأ نمير في فرنسا بعد هجرة والديه من صعيد مصر منذ نحو 50 عامًا. كان الأب والأم هما وطنه البديل، ومع وفاة الأم سهام عام 2015 وجد نفسه غير قادر على تجاوز الفقد بسهولة، فاختار أن يبقيها حيّة عبر الفيلم، وأن يعرّف طفليه عليها من خلال الذاكرة والصورة.

الفيلم، رغم خصوصيته، يفتح بابًا واسعًا للتعاطف، إذ يلتقط حياة أسرة مصرية حافظت على هويتها داخل مجتمع غربي، وغرست في ابنها حب الفن والسينما، وخاصة أفلام يوسف شاهين. استخدم نمير مقاطع من “فجر يوم جديد” و”عودة الابن الضال” لينسج خيطًا بين حكاية عائلته وشخصيات شاهين، في تحية فنية واضحة للمخرج الكبير.

رحلة إلى الماضي.. واكتشاف الذات

يتنقل الفيلم بين شقة العائلة في فرنسا وقرية أم دومة بمحافظة سوهاج، كاشفًا قصصًا من حياة الأم عبر رسائلها القديمة وحكايات خالتها عنايات. كما يعود إلى بدايات علاقة والده بوالدته، ومرحلة عمل الأب في مؤسسة السينما قبل الهجرة.

ومع كل محطة من الرحلة، يقترب نمير من ذاته أكثر، ويتصالح مع أسئلته، ومنها سؤال اسمه غير المألوف الذي ظلّ لغزًا طويلًا بالنسبة له.

عشر سنوات من العمل.. ومقاومة الإحباط

بعد عرض الفيلم في مهرجان القاهرة، قال نمير إنه عمل عليه على مدى عشر سنوات، واجه خلالها تأجيلات وصعوبات في التمويل، لكنه ظلّ متمسكًا بمشروعه لأنه كان جزءًا من رحلته الشخصية مع الفقد.

السينما بوابة النجاة

في أحد مقاطع الفيلم يعلّق نمير قائلًا: “بعد غياب سهام لقيتني أنا وبابا لوحدنا لأول مرة.. اعتمدت على السينما عشان تساعدني”. ويبدو أن السينما قد فعلت ذلك بالفعل، ليس فقط لصاحب الفيلم، بل لكل من يمر بتجربة مماثلة ويرى في الشاشة مساحة للتذكر والحنين والشفاء.