ديسمبر 1, 2025

تصدر عن مؤسسة جوليا دومنا برس للطباعة والنشر

عفوًا… لن أبيع شرفتي

تحمل نصوصها عمقًا تأمليًا وروحًا شفافة تميل إلى مزج الواقع الثقيل بعالم الطيور والطبيعة.

الشاعرة:إيمان أحمد يوسف

تزورني يمامةٌ
أستضيفُها على شرفتي،
تنقرُ الزجاجَ لتمنحني الإشارة.
عيونُها تُخرجني من صخبي،
تخترقُ الوقت،
خلفَها الشجرُ والسحاب،
تهمهم: «اذكروا ربكم».

فأشاركُها الذكر،
أتركُ الجريدةَ من يدي:
فيضـانُ السودان،
حرائقُ بيروت،
مشكلاتُ الوباء،
سدُّ النهضة،
وحساباتُ الواقع…
مشكلاتٌ تؤرّقني.

تشعرُ بي اليمامة،
تأخذني فأنجذب إليها
وإلى أصدقائها العصافير
اجتمعت حول طبق الأرز
وطبق الماء.

رفرف القلب،
ورفرفت الروح،
وجعلتني أبتسم؛
أحتمي،
أجمع انقساماتي وأتحد،
أعدّل أيديولوجياتي،
وتُخرجني من عنق الزجاجة
إلى مسرح الأمكنة.

حضورٌ أسطوريٌّ في الهواء الطلق،
تحمله الشمس كل صباح،
نسيجًا من رؤى الجنة،
لوحةً لمدينة فاضلة
لا تحكمها تكنولوجيا الآلات
ولا شرور البشر؛
طيورٌ تناجي الطبيعة،
تفتح الأبواب
لفيلم سينمائي
يحقق سعادة الجموع،
تتناسى معه
مشاكل الكرة الأرضية،
تتسامى فوق الأحداث،
وتحقق نظريات:
الخير… العدل… الجمال.

وأخيرًا…
أنفلت من الأيام الثقيلة
مع جهاز الاختبار الحسي،
أقرأ المستقبل
في محراب الفكر.

يشاركني الليل،
ويأتي القمر،
نفكّر سويًا،
يأسرني… يهديني… يأمرني
أن أعترف.

عفوًا…
مهما نختلف،
لن أبيع شرفتي.
لن أخون يمامتي.
لن أموت قبل موتتي.

ولكم محبتي…
سئمت الغيامة،
القتامة،
الصحف،
رائحة المطهّر والكمامة،
الصرامة والسخف.

سأبقى هنا…
أنتظر الصباح
وصديقتي اليمامة،
ولن أبيع شرفتي…!


إيمان أحمد يوسف شاعرة وقاصة مصرية تتميز بنصوص تحمل عمقًا تأمليًا وروحًا شفافة تميل إلى مزج الواقع الثقيل بعالم الطيور والطبيعة كملاذ نفسي وروحي. في كتاباتها تحضر العلاقة بين الإنسان والكون، وانعكاسات الأزمات اليومية على الروح، إلى جانب الإيمان بقيم الخير والجمال والعدل.

صدر لها عدد من الأعمال الأدبية، من بينها دواوين شعرية ومجموعات قصصية، وتُعدّ من الأصوات الإبداعية النسوية التي تعيد للقصيدة العربية طابعها الوجداني والتأملي.

بعض إصدارات الشاعرة: